\"Writing.Com
*Magnify*
SPONSORED LINKS
Printed from https://writing.com/main/view_item/item_id/2310828---
Item Icon
by A Author IconMail Icon
Rated: 13+ · Novel · Emotional · #2310828
ا التي لدي

بينما هو جالس فوق جبال خيبته – يحدق في طبقه الصدئ ، ويندب حظه بأن كان عاملا فقيرا بالكاد يجد ما يسد رمقه ، وكأن تلك اللقم الفسيفسائية تكفيه - لاحظَها !
كانت تقترب من طبقه بخفة اللصوص ، تلك الصغيرة ذات الجسد النحيل ، والوجه الأحمر ، أتراها حمرة الخجل منه لذلك التصرف الشائن ، أم هي حمرة العمل تحت أشعة الشمس ؟
تأملها باستغراب .. وسرعان ما أدرك بوقاحتها أن حمرة وجهها لم تكن خجلا على الإطلاق !
فاقترب من قوت يومه الموضوع على أرضية خشبية مهترئة ، ومد يده ليحمي طعامه من جشعها ، فاهتزت واضطربت ، وتحركت بعشوائية ثم هربت !
وكم كانت دهشته كبيرة ؛ لم يتوقعها بتلك الرقة والجبن مجتمعين .
ولكنه أشفق عليها ، وشعر بالندم تجاهها ، واحتار في أمره وهو يراها تختبئ منه . أيتركها تأكل من طعامه فتلوثه بقذارة أصابعها التي – لم يكن لديه أدنى شك بأنها – اتسخت نتيجة العمل المرهق والقاسي ، أم يبعدها أكثر كي لا تفسد شهيته ؟
واشتدت عليه سطوة الندم ؛ أفهل يضيره شيء لو أعطاها لقمة ؟ مجرد لقمة تتقاسمها ورفاقها المختبئين معها ؟
وبعد تفكير بسيط ، قال بكلمات ساخطة ساخرة : ومن يشتهي مثل هذا الطعام أصلا ؟!
ثم نهض ونفض الغبار عن ملابسه ، ولحق بصاحبة الجسد الغض الضئيل آملا أن تقبل اعتذاره عن لؤمه وأنانيته ...
وحين وصل إلى حيث هي انحنى ، ووضع لقمة عند ثقب صغير في أرضية الغرفة ، فخافت هي ومن يرافقها من تصرفه الغريب الذي لا يبرره شيء !
لكنه انسل بسرعة بعيدا عنهم حتى لا يرهبهم أكثر ، وبمجرد أن فعل ذلك ، هجموا على ما جاد به يقودهم جوعهم !
وظل هو يراقبهم منهمكين في تشارك حمل طعامهم يكاد يبكي ...
وإذ هو على وشك الرحيل شاهدها مجددا ، بملامحها الدقيقة المميزة ، وخال لوهلة بأنها تنظر إليه وعلى وجهها ابتسامة رضا وامتنان ، فارتسمت على وجهه هو الآخر ابتسامة ، لكنها اختفت بعد ثوان وحلت مكانها تعابير متعجبة لظنه أن تلك الصغيرة قد علاها الاستفهام .
ففهم الأمر بعد هنيهة ، وقال وقد لانت ملامحه كثيرا : لعلك تتساءلين كيف منحتك اللقمة الوحيدة التي لدي . لا تستغربي ، فأنا أشعر بمعاناتك جيدا ، وأعلم كم الإنسان ظلّام ، يدوسك دون أي اعتبار لوجودك .. أجل .. أفهمك .. وأحس بك .. فنحن متشابهان جدا .. أيتها النملة !
© Copyright 2023 A (ali1 at Writing.Com). All rights reserved.
Writing.Com, its affiliates and syndicates have been granted non-exclusive rights to display this work.
Printed from https://writing.com/main/view_item/item_id/2310828---